![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiGwB3kqaluYyFZuqxUIZn1xMdtAg-D6_p8uKglhXFR9RR94F7yq78ZHP82SazRwHyYpRgOXSsFWy_ZRvVte5WSdhs54H9zlkbLftMdof2qml73HKzGidJWNCYEv2bfeEikb6Smz9HRCIlV/h120/images+%25288%2529.jpg)
لمعرفة الأسباب الحقيقية يجب أولا أن نقوم بتشخيص ووصف للواقع حتى نتمكن من رسم خطة واضحة للإصلاح.
أول ما يجب الحديث عنه هو البنية التحتية. نلاحظ أن معظم مؤسسات التعليم العمومي مهترئة ووضعيتها كارثية، وبعضها وصل إلى درجة تهدمه على رؤوس التلاميذ، ونحن هنا نتحدث عن العالمين الحضري والقروي، وبعض المؤسسات بالعالم القروي لا تتوفر على أبسط الضروريات مثل زجاج النوافذ بل وحتى الأبواب، وافتقارها إلى طاولات مريحة تسمح للتلميذ بالتركيز على الدرس، والعديد من المؤسسات لا تتوفر حتى على المرافق الصحية للتلاميذ وبعضها لا يتوفر على ماء وكهرباء وطرق معبدة، ومعظم تلاميذ العالم القروي إن لم نقل كلهم يقطعون كيلومترات عدة للوصول إلى المدرسة، وعند وصولهم إليها منهكين لا يجدون أي شيء ينسيهم تعبهم ويخفف عنهم عناء المسير لساعات، فالحجرات باردة في فصل الشتاء والكثير منها يتحول إلى برك مائية أثناء التساقطات المطرية. فكيف يمكن أن ننتظر من تلميذ يدرس في هذه الظروف أن يتحسن مستواه الدراسي ويكون تحصيله جيدا؟
ننتقل الآن إلى مشكلة الاكتظاظ بالمدن والقسم متعدد المستويات بالقرى، فبعض الأقسام بالعالم الحضري يفوق التلاميذ بها 40 تلميذا وطبعا لا يمكن أن يكون التحصيل الدراسي جيدا بهذا الكم الهائل من التلاميذ ولا يمكن تطبيق أحدث الطرائق في التدريس وحتى وضعية الجلوس الكلاسيكية لا يمكن تغييرها لأن العدد الكبير للتلاميذ لن يسمح بتغيير طريقة الصفوف، وبالعالم القروي نجد آفة القسم المشترك وهو جد منتشر بالعالم القروي وعدد التلاميذ الذين يدرسون في هذا الوضع الكارثي كبير جدا، وأنا هنا أتحدث عن قسم متعدد المستويات أي أربع مستويات فأكثر بالقسم الواحد وفي نفس الوقت، ومع ذلك ولحد الآن لم تصدر الوزارة الوصية أي برنامج يهم الأقسام المتعددة المستويات قصد تقنين العمل البيداغوجي والرفع من جودته، وتدبير هذه الأقسام يتم عبر اجتهاد الأساتذة، ويوجد أساتذة يدرسون من المستوى الأول إلى المستوى السادس في حجرة واحدة وفي نفس الوقت، وطبعا من المستحيل أن يحقق الأستاذ الأهداف المسطرة والكفايات الواجب توافرها في التلميذ عند نهاية كل مرحلة.
بعد وصفنا للواقع فيما يخص البنية التحتية والأقسام المشتركة والاكتظاظ سنحاول أن نتحدث قليلا عن جودة التكوينات المقدمة للأساتذة.
لكي يكون الأستاذ ملما بكل جديد بالميدان التربوي يجب أن تلتزم الوزارة الوصية بتقديم دورات تكوينية بشكل دوري للأساتذة، لكن للأسف نلاحظ غيابها بمعظم النيابات عبر ربوع المملكة، اللهم بعض المبادرات الشخصية التي تقوم بها بعض جمعيات المجتمع المدني التي تنشط بالمجال التربوي والتي تبقى قليلة وغير كافية نظرا للإمكانات القليلة المرصودة لهم.
هذا بالإضافة إلى الوضعية المادية المزرية للعديد من الأساتذة إذ هناك عدد كبير منهم لا يتجاوز راتبهم الشهري 4200 درهم والتي لا يمكن أن تسدد لهم جميع نفقاتهم الضرورية من مسكن ومأكل وملبس وتطبيب ونقل إضافة إلى دعم أغلبهم لأسرهم، فكيف يمكن أن نتقدم بالتعليم في ظل كل هذه الظروف؟
التعليم قطاع حيوي لكل دولة ونجاحه من نجاح الدولة وفشله من فشلها، لذلك ينبغي أن نكون واقعيين وجادين في عملية الإصلاح ولا نرمي الكرة إلى أي طرف بل يجب على كل طرف أن يقوم بواجبه كما يجب توحد كل الأطراف والعمل كجسم واحد.
ولكي يكون الإصلاح قويا يجب أن تتوفر هذه الأمور التي أراها جد ضرورية:
أولا: بنية تحتية قوية لجميع المؤسسات من طرقات وحجرات وقاعات متعددة الوسائط وقاعات للمطالعة ...
ثانيا: القضاء نهائيا على مشكلة الاكتظاظ والأقسام متعددة المستويات وإيجاد برنامج موحد للقسم المشترك يراعي خصوصيات كل جهة.
ثالثا: تحسين جودة التكوين المستمر وجعله دوريا ومتجددا ومواكبا للجديد.
رابعا: تحفيز الأساتذة ماديا عبر الرفع من رواتبهم وتحسين ظروف عيشهم.
خامسا: إصلاح المقررات الدراسية لتتماشى مع متغيرات العصر حتى لا تبقى المدرسة حبيسة ماض أكل عليه الدهر وشرب.